أعرف يقينًا أن مرض السكري ليس غريبًا عن مسامعك، وربما تعرف أحد المصابين بهذا المرض، ولهذا السبب أنت مهتم بالقراءة عنه الآن. ولكن ماذا عن مقدمات السكري؟
في مركز إمبريال كوليدج لندن للسكري والغدد الصماء، نساعدك على فهم المزيد عن مقدمات السكري والسكري، وندعمك في كيفية التعامل مع الحالة في حال إصابتك أو إصابة أحد أحبائك بها.
تمثل مقدمات السكري مرحلة انتقالية بين مستويات سكر الدم الطبيعية (1) ومرض السكري من النوع الثاني، إذ ترتفع مستويات السكر في الدم عن المعدلات الطبيعية دون أن تبلغ المعدل الذي يشير إلى الإصابة بالسكري. ويُستخدم مصطلح مقدمات السكري للإشارة إلى الأشخاص المعرضين للإصابة بالسكري لاحقًا. ترتبط مقدمات السكري بمجموعة من عوامل الخطر التي تؤثر في القلب والتمثيل الغذائي، وتُعد مؤشرًا سلبيًا (2) على الصحة العامة، خصوصًا على المدى الطويل إذا تُركت دون علاج؛ وذلك بسبب احتمالات تطورها إلى مرض السكري من النوع الثاني. أما السكري، فهو حالة يواجه فيها الجسم صعوبة في التحكم بمستويات سكر الدم (ونقصد بالسكر هنا الجلوكوز، تمامًا كما في مقدمات السكري) (3).
توجد مستويات مرجعية معتمدة عالميًا لتحديد المعدل الطبيعي لسكر الدم، وهي تختلف حسب العمر والحالات المرضية المصاحبة والمضاعفات والحمل وغيرها من العوامل المؤثرة (4). يمتلك جسمنا القدرة على تنظيم مستويات السكر المرتفعة في الدم -حتى إن كنا نشتهي تناول الدونات- ويحدث ذلك عبر أنظمة بيولوجية معقدة تُبقي الجلوكوز تحت السيطرة. وتتدخل عدة هرمونات في هذه العملية، بما في ذلك الإنسولين؛ والذي يعد المسؤول الأول عن تنظيم سكر الدم. ولذلك عندما يصل الجسم إلى مرحلة العجز عن إفراز الإنسولين (داخليًا)، يصف الطبيب العلاج الإنسولين، ويتعين علينا حقنه (خارجيًا) للاستعاضة عن الإنسولين الطبيعي ومحاكاة التنظيم الهرموني الطبيعي للجلوكوز في أجسامنا.
قد تبدو مقدمات السكري حالة غير مقلقة في بدايتها، لكنها في الحقيقة تُمثل تمهيدًا لمشكلات صحية خطيرة، ما لم تُؤخذ على محمل الجد من البداية. ومن بين هذه المضاعفات المحتملة: أمراض القلب والسكتات الدماغية وتلف الكلى واعتلال الأعصاب ومشكلات النظر. إذا كانت مقدمات السكري هي "مرحلة ما قبل"، فإن السكري هو "المرحلة اللاحقة"؛ فلنتحرّك الآن قبل أن تتطوّر الحالة، وسنكون إلى جانبك بكل ما نستطيع. ولكن كيف نعرف ما إذا كنا مصابين بمقدمات السكري؟
العلامات والأعراض
هذا هو الجزء الصعب. فعلى عكس مرض السكري، غالبًا لا تظهر أي أعراض واضحة في حالات مقدمات السكري، إذ تتسلل بهدوء دون أن تترك أثرًا واضحًا. قد تكون هناك إشارات خفيفة أو علامات دقيقة، ولكن يصعب إدراكها إذا لم تكن منتبهًا لها. فعلى سبيل المثال:
وما يجعل الأمور أكثر تعقيدا، هو عدم شعور كثير من المصابين بأي أعراض على الإطلاق. ولذلك، فإن الفحص المنتظم هو أفضل الحلول لاكتشاف تلك الحالة في وقت مبكر.
التشخيص
كيف يتمكن الأطباء من تحديد الإصابة بمقدمات السكري؟ يُعد قياس مستوى السكر (الجلوكوز) في الدم الفحص الأهم للكشف عن الحالة، ويشمل ذلك الاختبارات الثلاثة الآتية:
من المهم أن نتذكر أن مقدمات السكري تسبق الإصابة الفعلية بالسكري، وكأنها رسالة تنبيه للجسم قبل الدخول في مرحلة المرض المزمن. ولا يكون العلاج الدوائي ضروريًا في معظم الحالات، غير أن بعض الأشخاص قد يُوصف لهم دواء الميتفورمين -وهو دواء مخصص للسكري- للمساعدة في ضبط مستويات السكر في الدم. بيد أن بعض التغييرات الطفيفة في نمط الحياة قد يساهم في عكس مسار مقدمات السكري، ويُغنيك كليًا عن استخدام الأدوية.
تخيّل أنك تقف على قمة تل؛ لم تنزلق بعد لكنك قريب جدًا من الحافة. وهنا يلزمك تدارك الأمر في الوقت المناسب والالتزام بتعليمات طبيبك وفريق الرعاية المكوّن من اختصاصيي التغذية ومثقفي السكري، فالفرصة لا تزال كبيرة لعلاج مقدمات السكري ومنع تطورها إلى السكري من النوع الثاني.
بمعنى آخر، لا تتطور مقدمات السكري إلى داء السكري في كل الحالات، إذ يمكنك تتدارك الأمر لوقف الانزلاق في الوقت المناسب، لتبدأ في استعادة السيطرة على صحتك.
رغم خطورة الحالة، فإن إصابتك بمقدمات السكري لا تعني بالضرورة أنك مقبل على حياة مليئة بالحقن والحرمان من الطعام. وفي الحقيقة، إذا اكتُشفت الحالة مبكرًا، فبإمكانك عكس مسارها والعودة إلى الوضع الصحي. فمقدمات السكري هي حالة جسدية يمكن تشبيهها بنظام الإنذار مبكر لمرض السكري. وكأنها تقول لك بوضوح: "انتبه، الوقت الآن مناسب لتغيير المسار. "
مقدمات السكري ليست نهاية العالم. صحيح أنها قد تكون ناقوس خطر، لكنها في الوقت ذاته فرصة حقيقية لإحداث تغييرات إيجابية مؤثرة في صحتك. ففي كثير من الحالات، يتمكن المصابون بمقدمات السكري من السيطرة على مستوى السكر في الدم ومنع تطور الحالة، والفرصة مواتية لك أيضًا. إن الحياة الصحية السعيدة الخالية من القلق بشأن المستقبل لا يفصلك عنها سوى القليل من الجهد والكثير من الخيارات الإيجابية. وكثيرًا ما يساعد التدخل العلاجي المبكر إلى جانب التغييرات الطفيفة في نمط الحياة المصابين بمقدمات السكري على استعادة مستويات سكر الدم إلى النطاق الطبيعي؛ ما يعني منع أو تأخير الإصابة بالسكري من النوع الثاني. لا تتردد في سؤال طبيبك عن كل ما يشغل بالك، وكن منتبهًا لما يقدمه من توجيهات. ارفع مستوى نشاطك البدني اليومي. ابدأ بتناول الطعام الصحي. وستتمكن من استعادة نمط حياتك الطبيعي من جديد (1).
بادر قبل فوات الأوان، فقد حان وقت التغيير لتنعم بحياة صحية!
في مركز إمبريال كوليدج لندن للسكري والغدد الصماء، نُدرك أن هناك كمًا هائلًا من المعلومات المتاحة، ونحن هنا لمساعدتك على فهمها وتحويلها إلى معرفة عملية دقيقة وموثوقة بما ينعكس إيجابًا على حياتك اليومية.https://icldec.ae/services/
لا زال بإمكانك إيقاف مقدمات السكري في مهدها!
المراجع:
تُشخَّص مقدمات السكري من خلال فحص الدم. عادةً ما يفحص الأطباء مستويات سكر الدم أثناء الصيام، أو نسبة الهيموغلوبين السكري (A1C)، أو يُجرون اختبار تحمل الجلوكوز الفموي لتحديد ما إذا كانت مستويات السكر لديك أعلى من الطبيعي.
تُعد مستويات الهيموغلوبين السكري A1C طبيعية إذا كانت أقل من 5.7%. أما إذا تراوحت النتيجة بين 5.7% و6.4%، فأنت ضمن نطاق مقدمات السكري. في حين أن أي نتيجة تتجاوز 6.4% تُعد مؤشرًا على الإصابة بالسكري.
نعم، فالتوتر يؤدي إلى ارتفاع مستويات هرمون الكورتيزول، والذي يسبب ارتفاعًا في سكر الدم. وقد تساعد تقنيات الاسترخاء في تقليل التوتر، ومن ثم الحفاظ على توازن مستويات السكر لديك.
الأطعمة شديدة المعالجة والوجبات الخفيفة الغنية بالسكر والخبز الأبيض والمشروبات الغازية قد ترفع سكر الدم بشكل حاد. ويُفضل بدلًا من ذلك اختيار الأطعمة الطبيعية مثل الخضروات والبروتينات الخالية من الدهون والحبوب الكاملة.
نعم، قد يكون الصيام آمنًا لبعض الأشخاص، ولكن من الأفضل دائمًا استشارة الطبيب قبل البدء. فعدم تناول الوجبات قد يؤدي إلى انخفاض مفاجئ أو ارتفاع حاد في سكر الدم، لذا ينبغي الحذر أثناء الصيام.
يُنصح بممارسة نشاط بدني متوسط الشدة مثل المشي السريع لمدة لا تقل عن 30 دقيقة يوميًا، خمسة أيام في الأسبوع. بالإضافة إلى ذلك، فإن تمارين تقوية العضلات مرتين أسبوعيًا تُعد مفيدة جدًا.
لخفض خطر الإصابة، ركّز على اتباع نظام غذائي صحي مع الممارسة المنتظمة للرياضة والحفاظ على وزن مثالي وتقليل التوتر. وللفحوصات الطبية الدورية دور عظيم في اكتشاف أي علامات مبكرة ومعالجتها في الوقت المناسب.
يمكن تناول الموز والعنب بكميات معتدلة، لكن التمر يحتوي على نسبة أعلى من السكر. ويُفضل اختيار الفواكه ذات المؤشر الجلايسيمي المنخفض مع الانتباه إلى الكمية.
في حال الإصابة بمقدمات السكري ابدأ بإجراء تغييرات طفيفة في نمط حياتك مثل تناول الأطعمة الصحية وممارسة النشاط البدني، إلى جانب استشارة أخصائي الرعاية الصحية لوضع خطة مناسبة لحالتك.
نعم، يوفر مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC) برنامج الوقاية من السكري (DPP)، وهو متاح حضوريًا أو عبر الإنترنت. ويمثل خيارًا ممتازًا للبدء في رحلتك الصحية.
نعم، في كثير من الحالات يمكن عكس مسار الحالة من خلال خسارة الوزن واتباع نظام غذائي صحي وممارسة الرياضة بانتظام؛ ما يسمح بعودة مستويات السكر إلى النطاق الطبيعي.