loader
Banner About
المركز الإعلامي
مدونة

مقدمات السكري: صيحة التنبيه التي لم تدرك مدى أهميتها (لكنها فرصتك لتدارك الأمر)

الدكتورة تمادر علي، مديرة التثقيف بمرض السكري، مركز إمبريال كوليدج لندن للسكري والغدد الصماء
09 يونيو 2025
مدونة

  1. مقدمة

أعرف يقينًا أن مرض السكري ليس غريبًا عن مسامعك، وربما تعرف أحد المصابين بهذا المرض، ولهذا السبب أنت مهتم بالقراءة عنه الآن. ولكن ماذا عن مقدمات السكري؟

في مركز إمبريال كوليدج لندن للسكري والغدد الصماء، نساعدك على فهم المزيد عن مقدمات السكري والسكري، وندعمك في كيفية التعامل مع الحالة في حال إصابتك أو إصابة أحد أحبائك بها.

  1. مقدمات السكري: مراحل تطوّرها ومضاعفاتها

تمثل مقدمات السكري مرحلة انتقالية بين مستويات سكر الدم الطبيعية (1) ومرض السكري من النوع الثاني، إذ ترتفع مستويات السكر في الدم عن المعدلات الطبيعية دون أن تبلغ المعدل الذي يشير إلى الإصابة بالسكري. ويُستخدم مصطلح مقدمات السكري للإشارة إلى الأشخاص المعرضين للإصابة بالسكري لاحقًا. ترتبط مقدمات السكري بمجموعة من عوامل الخطر التي تؤثر في القلب والتمثيل الغذائي، وتُعد مؤشرًا سلبيًا (2) على الصحة العامة، خصوصًا على المدى الطويل إذا تُركت دون علاج؛ وذلك بسبب احتمالات تطورها إلى مرض السكري من النوع الثاني. أما السكري، فهو حالة يواجه فيها الجسم صعوبة في التحكم بمستويات سكر الدم (ونقصد بالسكر هنا الجلوكوز، تمامًا كما في مقدمات السكري) (3).

توجد مستويات مرجعية معتمدة عالميًا لتحديد المعدل الطبيعي لسكر الدم، وهي تختلف حسب العمر والحالات المرضية المصاحبة والمضاعفات والحمل وغيرها من العوامل المؤثرة (4). يمتلك جسمنا القدرة على تنظيم مستويات السكر المرتفعة في الدم -حتى إن كنا نشتهي تناول الدونات- ويحدث ذلك عبر أنظمة بيولوجية معقدة تُبقي الجلوكوز تحت السيطرة. وتتدخل عدة هرمونات في هذه العملية، بما في ذلك الإنسولين؛ والذي يعد المسؤول الأول عن تنظيم سكر الدم. ولذلك عندما يصل الجسم إلى مرحلة العجز عن إفراز الإنسولين (داخليًا)، يصف الطبيب العلاج الإنسولين، ويتعين علينا حقنه (خارجيًا) للاستعاضة عن الإنسولين الطبيعي ومحاكاة التنظيم الهرموني الطبيعي للجلوكوز في أجسامنا.

قد تبدو مقدمات السكري حالة غير مقلقة في بدايتها، لكنها في الحقيقة تُمثل تمهيدًا لمشكلات صحية خطيرة، ما لم تُؤخذ على محمل الجد من البداية. ومن بين هذه المضاعفات المحتملة: أمراض القلب والسكتات الدماغية وتلف الكلى واعتلال الأعصاب ومشكلات النظر. إذا كانت مقدمات السكري هي "مرحلة ما قبل"، فإن السكري هو "المرحلة اللاحقة"؛ فلنتحرّك الآن قبل أن تتطوّر الحالة، وسنكون إلى جانبك بكل ما نستطيع. ولكن كيف نعرف ما إذا كنا مصابين بمقدمات السكري؟

  1. كيف أعرف أنني مصاب بمقدمات السكري؟

العلامات والأعراض

هذا هو الجزء الصعب. فعلى عكس مرض السكري، غالبًا لا تظهر أي أعراض واضحة في حالات مقدمات السكري، إذ تتسلل بهدوء دون أن تترك أثرًا واضحًا. قد تكون هناك إشارات خفيفة أو علامات دقيقة، ولكن يصعب إدراكها إذا لم تكن منتبهًا لها. فعلى سبيل المثال:

  • العطش الزائد عن المعتاد.
  • زيادة معدل التبول من المعتاد.
  • إرهاق شديد أشبه بالاصطدام بحافلة.
  • ضبابية الرؤية (نعم، هذا شيء حقيقي!)

وما يجعل الأمور أكثر تعقيدا، هو عدم شعور كثير من المصابين بأي أعراض على الإطلاق. ولذلك، فإن الفحص المنتظم هو أفضل الحلول لاكتشاف تلك الحالة في وقت مبكر.

التشخيص

كيف يتمكن الأطباء من تحديد الإصابة بمقدمات السكري؟ يُعد قياس مستوى السكر (الجلوكوز) في الدم الفحص الأهم للكشف عن الحالة، ويشمل ذلك الاختبارات الثلاثة الآتية:

  1. اختبار سكر الدم أثناء الصيام: ويقيس مستوى السكر في الدم بعد الامتناع عن الأكل والشرب (عدا الماء) طوال الليل. تُشير النتيجة بين 100 و125 ملغم/ديسيلتر إلى وجود مقدمات السكري.
  2. فحص الهيموغلوبين السكري (HbA1c): يوضح متوسط مستويات سكر الدم خلال الشهرين أو ثلاثة الأشهر الماضية. يُشير فحص الهيموغلوبين السكري HbA1c ما بين 5.7% و6.4% إلى الإصابة بمقدمات السكري.
  3. اختبار تحمل الجلوكوز عن طريق الفم (OGTT): وهو يتضمن الصيام ثم تناول مشروب غني بالسكر، ومن ثم فحص سكر الدم بعد ساعتين. تُشير النتيجة بين 140 و199 ملغم/ديسيلتر إلى وجود مقدمات السكري.

 

  1. علاج مقدمات السكري والتعامل معها

من المهم أن نتذكر أن مقدمات السكري تسبق الإصابة الفعلية بالسكري، وكأنها رسالة تنبيه للجسم قبل الدخول في مرحلة المرض المزمن. ولا يكون العلاج الدوائي ضروريًا في معظم الحالات، غير أن بعض الأشخاص قد يُوصف لهم دواء الميتفورمين -وهو دواء مخصص للسكري- للمساعدة في ضبط مستويات السكر في الدم. بيد أن بعض التغييرات الطفيفة في نمط الحياة قد يساهم في عكس مسار مقدمات السكري، ويُغنيك كليًا عن استخدام الأدوية.

تخيّل أنك تقف على قمة تل؛ لم تنزلق بعد لكنك قريب جدًا من الحافة. وهنا يلزمك تدارك الأمر في الوقت المناسب والالتزام بتعليمات طبيبك وفريق الرعاية المكوّن من اختصاصيي التغذية ومثقفي السكري، فالفرصة لا تزال كبيرة لعلاج مقدمات السكري ومنع تطورها إلى السكري من النوع الثاني.

بمعنى آخر، لا تتطور مقدمات السكري إلى داء السكري في كل الحالات، إذ يمكنك تتدارك الأمر لوقف الانزلاق في الوقت المناسب، لتبدأ في استعادة السيطرة على صحتك.

  • تابع مستوى السكر في دمك: المتابعة المنتظمة تساعدك على فهم تأثير مختلف الأطعمة والنشاطات على جسمك.
  • الحركة والتمارين الرياضية: حاول تخصيص 30 دقيقة من النشاط البدني في أغلب أيام الأسبوع، فالمشي والسباحة أو حتى الرقص داخل المنزل جميعها خيارات مفيدة وتُحدث فارقًا.
  • تناول وجبات صغيرة ومتوازنة: لا تفوّت وجبات الطعام، وتجنّب الارتفاع المفاجئ في سكر الدم.
  • تناول الطعام الصحي: ركّز على الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والبروتينات القليلة الدهون.
  • احرص على السوائل: اشرب الماء بدلًا من المشروبات السكرية، للحفاظ على توازن الجسم.
  • قلل وزنك: فقدان 5 إلى 10% من وزنك قد يسهم كثيرًا في تقليل تطور الحالة.
  • تعلّم إدارة التوتر: فالتوتر المزمن قد يرفع مستويات سكر الدم، لذا ابحث عن أساليب تمنحك الراحة والهدوء.
  1. الأخبار السارة

رغم خطورة الحالة، فإن إصابتك بمقدمات السكري لا تعني بالضرورة أنك مقبل على حياة مليئة بالحقن والحرمان من الطعام. وفي الحقيقة، إذا اكتُشفت الحالة مبكرًا، فبإمكانك عكس مسارها والعودة إلى الوضع الصحي. فمقدمات السكري هي حالة جسدية يمكن تشبيهها بنظام الإنذار مبكر لمرض السكري. وكأنها تقول لك بوضوح: "انتبه، الوقت الآن مناسب لتغيير المسار. "

مقدمات السكري ليست نهاية العالم. صحيح أنها قد تكون ناقوس خطر، لكنها في الوقت ذاته فرصة حقيقية لإحداث تغييرات إيجابية مؤثرة في صحتك. ففي كثير من الحالات، يتمكن المصابون بمقدمات السكري من السيطرة على مستوى السكر في الدم ومنع تطور الحالة، والفرصة مواتية لك أيضًا. إن الحياة الصحية السعيدة الخالية من القلق بشأن المستقبل لا يفصلك عنها سوى القليل من الجهد والكثير من الخيارات الإيجابية. وكثيرًا ما يساعد التدخل العلاجي المبكر إلى جانب التغييرات الطفيفة في نمط الحياة المصابين بمقدمات السكري على استعادة مستويات سكر الدم إلى النطاق الطبيعي؛ ما يعني منع أو تأخير الإصابة بالسكري من النوع الثاني. لا تتردد في سؤال طبيبك عن كل ما يشغل بالك، وكن منتبهًا لما يقدمه من توجيهات. ارفع مستوى نشاطك البدني اليومي. ابدأ بتناول الطعام الصحي. وستتمكن من استعادة نمط حياتك الطبيعي من جديد (1).

  1. كلمة ختامية

بادر قبل فوات الأوان، فقد حان وقت التغيير لتنعم بحياة صحية!

في مركز إمبريال كوليدج لندن للسكري والغدد الصماء، نُدرك أن هناك كمًا هائلًا من المعلومات المتاحة، ونحن هنا لمساعدتك على فهمها وتحويلها إلى معرفة عملية دقيقة وموثوقة بما ينعكس إيجابًا على حياتك اليومية.https://icldec.ae/services/

لا زال بإمكانك إيقاف مقدمات السكري في مهدها!

المراجع:

  1. جمعية السكري الأمريكية (ADA)، .2020. 3 الوقاية من داء السكري من النوع الثاني أو تأخير ظهوره: معايير الرعاية الطبية في داء السكري - 2020. مجلة رعاية السكري Diabetes Care، المجلد 43 (الملحق 1): S32–36.<a>DOIPubMedGoogle Scholar
  2. https://diabetes.org/about-diabetes/diagnosis 
  3. https://pmc.ncbi.nlm.nih.gov/articles/PMC8026645/#S1 
  4. https://www.niddk.nih.gov/health-information/diabetes/overview/what-is-diabetes 

 

 

 

 



مشاركة هذه المقالة

المقالات ذات الصلة

المرضى والزوّار